Skip to main content
We are sorry but the page you are looking for is not available in the language you have selected, please go to the corresponding homepage

إعادة النظر في أوجه الضعف والعدالة وتوجيه المساعدات النقدية والقسائم – ماذا لو تركنا الناس يقررون؟

على الرغم من أنه من الممارسات الشائعة أن نسأل الأشخاص المتأثرين بالأزمات عما إذا كانوا يفضلون المساعدات النقدية أو العينية أو أي طريقة أخرى للمساعدة، إلا أنه نادرًا ما تتم استشارة الأشخاص عندما يتعلق الأمر بمدة المساعدة أو التغطية أو قيمة التحويل. تشير هذه المدونة إلى أن العمل مع المجتمعات المتضررة بشأن هذه القضايا يمكن أن يسمح بالقيام بأعمال إضافية باستخدام ميزانية محدودة.

20 سبتمبر 2023 — بواسطة هبة إبراهيم

المساعدات الإنسانية كانت في السابق تُفهم على أنها دعم قصير المدى، مصمم لإنقاذ الناس من الأزمات الملحة. واليوم، يذهب أكثر من نصف (59%) المساعدات الإنسانية العالمية إلى الأشخاص العالقين في أزمات طويلة الأمد، مع تقديرات بأن هذه النسبة سترتفع إلى 71% في العقد المقبل. المساعدات النقدية لم تواكب هذا الواقع. وتستهدف المساعدات أولئك الذين يعتبرون “الأكثر ضعفاً”، حتى في السياقات التي تكون فيها مجتمعات بأكملها في حاجة ماسة إليها. إن مدة الدعم في العديد من السياقات غير كافية إلى حد كبير – فالأشخاص العالقون في صراعات طويلة الأمد يتلقون مساعدات نقدية لمدة لا تزيد عن شهر إلى ثلاثة أشهر.

بطبيعة الحال، في عالم حيث الأموال محدودة وتظهر أزمات جديدة بشكل متكرر، يبدو أنه من المستحيل تقديم المساعدات الكافية للجميع. ومن خلال العمل بقد محدد من المال، يحاول العاملون في المجال الإنساني حساب الأشخاص الأكثر احتياجًا. ومع ذلك، يخبرنا الناس المتأثرون بالأزمات مرارًا وتكرارًا أنهم يفضلون أن تغطي المساعدات عدد أكبر من الأشخاص في مجتمعاتهم، حتى لو كان هذا يعني أن الجميع سيحصلون على مبلغ أقل. عندما يتعلق الأمر بالمدة، يخبرنا العديد من الأشخاص أنهم يفضلون تلقي تحويلات منتظمة لفترة أطول، حتى لو كان المبلغ الذي يتلقونه كل شهر أقل. في جوهر الأمر، يريد الناس أن تكون المساعدات ” واسعة وسطحية” بدلاً من ” محددة وعميقة”.

هل تقيّدنا سلة الحد الأدنى من الإنفاق؟

تعتمد التحويلات إلى حد كبير على سلة الحد الأدنى من الإنفاق (MEB)، وهي مجموعة من المواد والخدمات الأساسية التي تشير المعايير الإنسانية الى أن الأسرة بحاجة إليها. ويعتقد الكثيرون أن تقديم المساعدات دون المستوى “الحد الأدنى” الذي يعتبر ضروريًا للبقاء يتعارض مع المبادئ الإنسانية. ومع ذلك، فإن التمويل المحدود يعني أن العاملين في المجال الإنساني غالبًا ما يكونون قادرين على توفير هذا “الحد الأدنى” من المتطلبات لبضعة أشهر فقط على أي حال. بعد ذلك، يتركون الأمور للأفراد ليتعاملوا مها بأنفسهم. نحن كعاملين في المجال الإنساني لم نعد نشعر بالمسؤولية عن انخفاض دخل الأسرة إلى مستوى غير مستدام، لأن تدخلنا قد انتهى. إذا قال الناس إن المزيد من الأموال الدورية، حتى لو كانت أقل، من شأنها أن تدعمهم بشكل أفضل في تلبية احتياجاتهم، فقد يكون من الحكمة الاستماع إليهم.

في حين أنه من الشائع سؤال الأشخاص عما إذا كانوا يفضلون المساعدات النقدية أو المساعدات العينية، إلا أنه لا يتم استشارة الأشخاص دائمًا عندما يتعلق الأمر بالمدة أو التغطية أو قيمة التحويل. إن التعامل مع المجتمعات المتضررة بشأن هذه القضايا يمكن أن يسمح بإنجاز المزيد بالأموال المحدودة المتاحة.

تعزيز القدرة على الصمود دون زيادة التكاليف: هل هي مهمة مستحيلة؟

يعد دعم قدرة المجتمعات المتضررة على الصمود واحدة من التعهدات المطروحة في العديد من خطط الاستجابة، وفي جداول أعمال وأطر السياسات العالمية، خاصة فيما يتعلق بالأزمات المستدامة. في الصومال، أفادت غالبية الأشخاص الذين أجرينا مقابلات معهم (60%) إنهم يفضلون تلقي تحويلاتهم لفترات أطول، حتى لو كان المبلغ أقل، مقابل 21% فضلوا فترات أقصر. بالنسبة للأغلبية، فإن تلقي التحويلات المنتظمة على مدى فترة زمنية أطول يعزز الشعور بالاستقرار. إن معرفة أن التحويلات ستستمر للعام أو العامين المقبلين تمكنهم من إدارة شؤونهم المالية وتغطية احتياجاتهم بشكل أفضل.

أفضل استلام المساعدات على المدى الطويل على أن أتلاقاها على المدى القصير. حتى لو كانت الكمية ليست كبيرة، على الأقل أعلم أنني سأحصل عليها لمدة عام على الأقل”.

 – امرأة في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

أرى أنه إذا كان المبلغ صغيرًا ولكن يقدم على المدى الطويل، سيساعد الشخص في تخطيط احتياجاته بشكل مناسب، وإذا لم يكن هذا الشهر كافيًا، فيمكنه التخطيط للشهر القادم، خطوة بخطوة. الآن نتلقى أموالًا لمدة ثلاثة أشهر، وهي لا تكفي لتغطية احتياجاتنا.”

   رجل في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

على مستوى المجتمع، قال لنا العديد من الأشخاص إنهم يفضلون أن يتلقى المزيد من الأشخاص في المجتمع المساعدات، حتى وإن تلقت كل أسرة مبلغًا أقل. إليكم لماذا قد يفضل الأشخاص الحصول على مساعدات أطول وأقل عمقًا:

  1. زيادة التغطية تبدو أكثر عدلاً:

يحتاج ما يقرب من واحد من كل اثنين من الصوماليين إلى المساعدة الإنسانية بسبب الصدمات المناخية المتكررة، وتفشي الأمراض، والنزوح الجماعي المرتبط بالنزاع. لقد سألنا متلقين المساعدات النقدية والقسائم في الصومال عما إذا كانوا يفضلون أن يستهدف مقدمو المساعدات عددًا أكبر من الأشخاص بتحويلات أصغر أو عددًا أقل من الأشخاص بتحويلات أكبر. وكان أكثر من النصف (63%) يؤيدون الخيار الأول، وهو زيادة التغطية، حتى لو كان ذلك يعني خفض قيمة التحويلات. تعتمد تفضيلات الناس إلى حد كبير على تعريفهم للعدالة. وفي دراسة نوعية لاحقة، قال العديد من الأشخاص إن العدالة تعني معاملة الجميع بمساواة، وبالتالي تقديم المساعدة للجميع، حتى وإن عني ذلك أن يتلقى كل فرد مبلغًا أقل، لأن الجميع في معظم المجتمعات معرضون للخطر إلى حد ما. وتظهر البيانات الواردة من نيجيريا نفس الشيء. عندما تم إعطاء الناس سيناريويهن افتراضيين لما يجب أن يبدو عليه نظام المساعدات العادل: نظام يقدم المساعدة لمن هم في أمس الحاجة إليها، أو نظام يقدم المساعدة لكل فرد في المجتمع، ولكن بمبلغ فردي أقل، فإن معظمهم اعتبر أن السيناريو الثاني هو الأكثر عدالة.

إذا كان لديهم 100 شيء لتوزيعه، ولكن هناك 600 شخص قد يحتاجون إليه، فما أقترحه لهم هو التأكد من قدرتهم على تقليل الكمية أو حتى نوع السلع بطريقة تكفي لكل شخص محتاج..

رئيس المعسكر في معسكر المسكين بنيجيريا

برأيي، إذا كانت المنظمة ترغب بدفع 60 دولارًا أمريكيًا للشخص الواحد لصالح 150 شخص، فإننا نفضل بدلاً من ذلك أن توزع 30 دولارًا أمريكيًا للشخص الواحد لصالح 300 شخص، حتى يتسنى للكثير من الأشخاص الاستفادة. ليس أمراً جيدًا أن يكون جارك جائعًا، وأن تقتصر المساعدة عليك.”

  رجل في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

  1. يقل أثر أخطاء الاستهداف عندما يتم التواصل مع عدد أكبر من الأشخاص

عندما تكون الموارد محدودة، يستخدم مقدمو المساعدات أساليب استهداف مختلفة لتحديد الفئات الأكثر ضعفا. البعض يستخدم معايير الفقر، بينما يعتمد البعض الآخر على معايير الضعف أو الاستهداف القائم على المجتمع. ومع ذلك، في كثير من الحالات، يعد تحديد “الفئات الأكثر ضعفًا” بدقة أمرًا صعبًا. وفي الصومال، حيث ينتشر الاستبعاد على أساس الانتماء العشائري العرقي، أصبحت أخطاء الاستهداف – وفقًا لآراء أفراد المجتمع – شائعة. واعتبر بعض المشاركين في الاستطلاع أن زيادة التغطية هي وسيلة لحل هذه المشكلة. إذا تم اختيار عدد قليل نسبيًا من الأشخاص لتلقي المساعدة في مجتمع ذي حاجة عالية، فإن أي أخطاء في الإدماج أو الاستبعاد يكون لها تأثير كبير. بالمقابل، تضمن زيادة التغطية أن تكون تلك الأخطاء أقل تأثير.

“المشكلة هي أنك إذا أعطيت المزيد من المال وكانت العملية غير عادلة، فإنك بذلك تكون قد أهدرت المال لأن بعض الأشخاص الذين يحتاجون إليه حقًا لن يحصلوا عليه، وأولئك الذين لا يحتاجون إليه سيصبحون أكثر ثراءً. ولكن إذا أعطيت الكثير من الناس، فإن المزيد من الأشخاص الذين يحتاجون إليه سيحصلون بالفعل عليه. “

  – امرأة في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

  1. زيادة التغطية يمكن أن تتناسب بشكل أفضل مع معايير المجتمع

يتقاسم العديد من الأشخاص في المجتمعات الضعيفة المساعدات التي يتلقونها مع الآخرين، لتقديم الدعم إلى أولئك الذين يعانون يشاطرونهم المعانة ذاتها. ينتشر التقاسم بشكل خاص في الصومال، حيث قال 34٪ من المشاركين في استطلاع “كاش باروميتر” في عام 2022 إنهم يتقاسمون مساعداتهم النقدية أو القسائم مع أسر أخرى. بالنسبة لكثير من الناس، تعد المشاركة ممارسة ثقافية ودينية تعمل على تصحيح الضعف المنتشر على نطاق واسع والمقترن بانخفاض التغطية للعديد من برامج المساعدات. وعندما سُئلوا عما يمكن أن يفعله مقدمو المساعدات حتى لا يضطروا إلى تقاسم تحويلاتهم مع الآخرين، لم يكن من المستغرب أن يكون الجواب هو زيادة التغطية. حتى أفضل الأساليب في الاستهداف التي تأتي بنوايا حسنة تصبح غير فعالة فورما يبدأ الأشخاص في إعادة توزيع المساعدات غير الرسمية، وهو ما يثير تساؤلات كبيرة حول الوقت الذي يتم قضاؤه في تطوير وتنفيذ مثل هذه الأساليب في المقام الأول.

إذا كنت تعلم أن البيت المجاور لك لم يتناول وجبة الإفطار أو الغداء، فسوف تشارك معهم ومن المرجح أن المجتمع بأكمله سيفعل الشيء نفسه. عمومًا، لدى الصوماليين ثقافة المشاركة؛ سواء كنت تملك القليل أو الكثير، فإنك تقوم بالمشاركة لأن هذه هي الطريقة التي تسير بها الحياة. الصوماليون سيظلون دائمًا يشاركون؛ إنها الطريقة التي تعلمنا وتربيتنا عليها.”

 – رجل في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

“يجب أن تكون [وكالات الإغاثة] على دراية بمن يشاركون مساعداتها وتحاول مساعدتهم إذا استطاعت”.

  – امرأة في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

يجب عليهم دعم الجميع بقدر ما يستطيعون حتى لا يشعر الناس بأنهم بحاجة إلى المشاركة.”

  – امرأة في الصومال، من متلقين المساعدات النقدية

الطريق إلى مستقبل قادرا على الصمود؟

على الرغم من الخطابات حول المشاركة في العمل الإنساني، فإن التشاور لا يزال متواضعاً الى حدما. ولا يكفي مجرد طرح الأسئلة أو مشاركة الخطط – بل يجب على أولئك المكلفين بتصميم البرامج وتمويلها العمل عليها لتصبح أكثر انفتاحًا على آراء الناس  والسماح لمدخلاتهم بالتأثير على القرارات الصعبة. وفي مواجهة الفجوات التمويلية الآخذة في الاتساع، يمكن للاستماع بشكل أكبر إلى تفضيلات الناس، وأن نثق بأنهم يعرفون ما الذي يمكن أن يساعدهم أكثر.

هل يمكن زيادة التغطية وفقًا لتفضيلات المجتمع للحد من التوزيعات غير الضرورية؟ هل يمكن تقديم المساعدات لفترة زمنية أطول لمنح الأشخاص الأمان والسماح لهم بالتخطيط للمستقبل؟ هل يمكن توجيه دعم المساعدات النقدية بشكل متدرج أو دمجه مع برامج دعم سبل العيش؟ هل ستساعد أي من هذه الحلول حقًا الأشخاص على الوقوف على قدميهم؟ يتعين علينا أن نسألهم.

لقراءة  المزيد حول تصورات المجتمع حول العدالة والمرونة، والمواضيع الأخرى ذات الصلة

منظمة (Ground Truth Solutions). تموز 2023. التغلب على اختلال توازن القوى: توصيات المجتمع لكسر الحلقة المفرغة.

منظمة (Ground Truth Solutions). كانون الأول 2022. الحقوق والمعلومات والقدرة على التنبؤ: مفاتيح التعامل مع الأزمات المعقدة.

منظمة (Ground Truth Solutions). تموز 2022. أفكار المجتمع: التأثير التراكمي لإبقاء الناس على اطلاع.

منظمة (Ground Truth Solutions). شباط 2022. فجوة المشاركة لا تزال قائمة في الصومال.

منظمة (Ground Truth Solutions). حزيران 2021. فهم تصورات العدالة وتفضيلات طريقة المساعدات.

شبكة CALP. آب 2022. المشهد المتغير للاستعداد النقدي: دروس مستفادة من القرن الأفريقي.

نبذة عن المؤلّفة:

 

 

 

 

 

 

هبة إبراهيم هي محللة في منظمة (Ground Truth Solutions)، وهي منظمة دولية غير حكومية تهدف إلى وضع الأشخاص المتضررين من الأزمات في قلب القرارات التي تؤثر على حياتهم. إحدى مبادرات منظمة (Ground Truth Solutions)هي مبادرة “مقياس النقد”(Cash Barometer) ، التي تعمل مع متلقي المساعدات النقدية والقسائم للتعرف على تجربتهم حول المساعدات التي يتلقونها، والاستماع إلى توصياتهم من قبل تاجهات الإنسانية الفاعلة.